المقرر في قضاء محكمة النقض أن الحصانة القضائية التي لا تخضع بموجبها الدولة لولاية القضاء في دولة اخرى تقوم اساسا على مبدأ استقلال الدول وسيادتها في المجتمع الدولي، وهو من المبادئ المسلمة في القانون الدولي العام ومن مقتضاه ان يمتنع على محاكم دولة ان تقضي في حق دولة اخرى بالنسبة للاعمال التي تصدر منها وهي تباشر سلطتها بصفتها صاحبة السلطان، دون التصرفات العادية واعمال التجارة لان حق الدولة في القضاء في المنازعات التي تتعلق بتلك الاعمال هو حق لصيق بسيادتها لا تستطيع دولة اخرى مباشرته عنها، واذ انعدمت ولاية القضاء من الدولة بالنسبة لدولة اخرى كشخص قانوني مستقل ذي سيادة، فهي تنعدم بالنسبة لممثلي هذه الدولة وممثلي سلطاتها العامة الذين يعبرون عنها داخليا وخارجيا او من يقاضون عنها في اي شأن من شئونها العامة، لان خضوعهم لقضاء غير القضاء الوطني بالنسبة اليهم يعني خضوع الدولة باسرها لذلك القضاء بما في ذلك من مساس بسلطة الدولة وسيادتها واستقلالها، وعلى المحكمة ان تقضي في هذه الحالة بعدم الاختصاص من تلقاء نفسها ما لم تتنازل الدولة عن تلك الحصانة فتقبل ولاية قضاء دولة اخرى.مفاد النص في المادتين الثالثة والواحدة والثلاثين من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية التي انضمت اليها مصر بموجب القرار الجمهوري 469 لسنة 1964 وعمل بها اعتبارا من 1964/7/9 يدلان على ان الاصل ان نطاق الحصانة القضائية للمبعوث الدبلوماسي لا يقتصر على القضائين الجنائي والاداري للدولة المعتمد لديها فحسب بل يمتد ليشتمل كذلك القضاء المدني لتلك الدولة بالنسبة لسائر الاعمال والتصرفات التي يأتيها في حدود وظيفته كمبعوث دبلوماسي للدولة التي يمثلها ولا يستثنى من ذلك سوى الاعمال والتصرفات التي يأتيها خارج نطاق تلك الوظيفة.واذ كان البين من الاوراق ان المطعون ضده الاول لا يماري في ان الطاعن عندما اصدر له الشيك موضوع التداعي انما اصدره بصفته الوظيفية كسفير لدولة الدنمارك في مصر وبمناسبة ادائه عملا من اعمال هذه الوظيفة وهو حماية مصالح رعايا دولته من بعض السائحين الذين احتجزوا باحد فنادق مدينة الاقصر لحين الوفاء له بمستحقات لديهم وقد انيط الطاعن بالمطعون ضده الاول بصفته صاحب شركة سياحة القيام بهذه المهمة في مقابل قيمة ذلك الشيك، ومن ثم فان النزاع الناشئ بين الطرفين عن تلك العلاقة يخرج عن ولاية القضاء المصري. واذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى الى تأييد الحكم الابتدائي برفض الدفع، فانه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون. الطعن رقم 4680 لسنة 76 ق جلسة 17/4/2007.
ان نصوص المواد من 28 حتى 35 من قانون المرافعات التي ترسم حدود الاختصاص القضائي الدولي للمحاكم المصرية تدل على ان احكام هذه المواد تقوم على المبدأ العام السائد في فقه القانون الدولي الخاص، وهو ان الاصل في ولاية القضاء في الدولة هو الاقليمية، ومن ثم تتحدد هذه الولاية وفقا للضوابط والقواعد المنصوص عليها في هذه المواد باعتبارها المرجع في تحديد اختصاص المحاكم المصرية، والمخالفة في هذا المقام لا تتصل بمخالفة قواعد الاختصاص النوعي او القيمي او المحلي، ولا بالاختصاص الولائي او الوظيفي الذي يقصد به توزيع الاختصاص بين الجهات القضائية المختلفة داخل الدولة، وانما تتعلق المخالفة بتجاوز المحكمة حدود سلطتها بالفصل في نزاع يخرج عن ولايتها ولا يدخل في اختصاص اي جهة من جهات القضاء الوطني، لخروجه عن ولاية السلطة القضائية في الدولة.ولذلك حرص المشرع على جعل قواعد الاختصاص القضائي الدولي للمحاكم المصرية تتعلق بالنظام العام، بالنص في المادة 35 من قانون المرافعات على انه "اذا لم يحضر المدعى عليه ولم تكن محاكم الجمهورية مختصة بنظر الدعوى طبقا للمواد السابقة تحكم المحكمة بعدم اختصاصها من تلقاء نفسها". مما مؤداه ان اختصاص المحاكم المصرية يعد مسألة اولية يجب على المحكمة بحثها من تلقاء نفسها، وتعد هذه المسألة مطروحة دائما في الخصومة لتعلقها بالنظام العام، ومن ثم يجوز لمحكمة النقض التصدي لها من تلقاء نفسها، لان الحكم الصادر في خصومة تخرج عن ولاية المحاكم المصرية لا يكتسب حصانة ولا حجية. الطعن رقم 2703 لسنة 87 ق جلسة 15/6/2020.
ان قواعد القانون الدولي العام المستمدة من العرف الدولي قد استقرت على عدم خضوع الدول الاجنبية كاشخاص قانونية لولاية القضاء الوطني في المنازعات المتعلقة بنشاطها كشخص دولي ذي سيادة وفيما يصدر عنها من تصرفات بصفتها صاحبة سلطان وسيادة، فلا تخضع للقضاء الوطني الا بقبولها التنازل عن الحصانة صراحة او ضمنا باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكا في دلالته على التنازل وقبول الخضوع الاختياري للقضاء المصري. ذات الطعن السابق.
المقرر في قضاء النقض ان تلك الحصانة التي لا تخضع بموجبها الدولة لولاية قضاء دولة اخرى تقوم اساسا على مبدأ استقلال الدول وسيادتها، لان حق الدولة في القضاء في المنازعات الناتجة عن تصرفاتها بصفتها صاحبة سلطان لصيق بسيادتها، وخضوعها لقضاء غير وطني يعني خضوع الدولة كلها لذلك القضاء، بما فيه من مساس بسلطتها وسيادتها. ولا يغير من ذلك ما يثار حول انحسار السيادة الوطنية نتيجة التطورات الدولية او الولاية القضائية العالمية في الجرائم الدولية، لان ذلك لم ينشئ عرفا دوليا يسمح للشخص الطبيعي بمقاضاة دولة اجنبية امام محاكمه الوطنية عن اعمال ذات طبيعة سلطانية مثل قرار الحرب. والطعن السابق.
واذ خالفت القوات الفرنسية اتفاقيات جنيف بشأن اسرى الحرب، الا ان المسؤولية الدولية للدولة الفرنسية لا تلغي حصانتها القضائية امام القضاء المصري، ولا يفيد الطاعنون من المادة 12 من اتفاقية الامم المتحدة لحصانات الدول لان مصر لم تنضم اليها. وبالتالي لا تملك المحكمة الا القضاء بعدم اختصاص المحاكم المصرية. الطعن السابق.
كما ان الاتفاقيات الدولية الجماعية لا تلزم الا الدول الاطراف ولا تنشئ حقوقا او التزامات لدول غير منضمة. ذات الطعن السابق.
عدم خضوع الدول الاجنبية لولاية القضاء الوطني فيما يتعلق بنشاطها وتصرفاتها ذات السيادة عدا التصرفات العادية وأعمال التجارة لأن حق الدولة بشأن القضاء في المنازعات التى تتعلق بتلك الأعمال هو حق لصيق بسيادتها لا تستطيع دولة أخرى مباشرته عنها ولا تخضع للقضاء الوطني الا اذا تنازلت عن حصانتها القضائية صراحة او ضمنا بما يفيد قبولها الخضوع للقضاء المصري.
تعليقات