يشترط في خطأ المضرور الذي يستند إليه الحارس للقول بانقطاع رابطة السببية أن يصدر عن المضرور أي فعل من شأنه أن يحدث الضرر به وأن يكون هو السبب المباشر له وان تدخل الشيء في حدوث الضرر سلبيا محضا حتى ولو كان خطأ المضرور ممكن التوقع أو ممكن تجنب آثاره

وحيث إن الطاعن بصفته ينعى بالسبب الأول - على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق وبيانا لذلك يقول أن مسئولية حارس الشيء تتطلب لقيامها توافر علاقة سببية بين فعل الشيء ذاته والضرر المترتب على تدخله بما لازمه أن يكون الشيء قد تدخل تدخلا إيجابيا في إحداث الضرر فضلا عن استمرار حيازته له حيازة فعلية بحيث إذا انتفى هذان الأمران على نحو يقطع رابطة السببية بينه وبين الضرر الواقع عليه انتفت مسئولية حارس الشيء وكان الثابت من تحقيقات المحضر رقم 529 لسنة 1982 عوارض الأهرام أن مورث المطعون ضدهم كان يحتفظ بالجسم الصلب الذي انفجر وأودى بحياته بحقيبة الأدوات التي قد يقتضيها عمله على الحفار وإنه استخدمه كمطرقة الأمر الذي مفاده حيازته له وسيطرته عليه وخروجه بالتالي من حيازة الطاعن - فضلا عن أن الجسم المذكور لم يتدخل تدخلا إيجابيا في إحداث الضرر الذي أصابه وإنما كان مرد ذلك لتدخله المخالف للمجرى العادي للأمور بما ينتفي معه مسئوليته في التعويض فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن مناط المسئولية الشيئية قبل حارس الشيء سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا له السيطرة الفعلية عليه لحساب نفسه قصدا واستقلالا وفقا لنص المادة 178 من القانون المدني وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة هو ثبوت فعل الشيء وإحداث الضرر فإذا ثبت ذلك أضحى الخطأ مفترضا في حقه بحيث لا يدرؤه عنه إلا أن يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه كقوة قاهرة أو حادث مفاجئ أو خطأ الغير أو خطأ المضرور ويشترط في خطأ المضرور إذا كان هو الدعامة التي يستند إليها الحارس للقول بانقطاع رابطة السببية بين فعل الشيء والضرر الذي وقع أن يصدر عن المضرور أي فعل من شأنه أن يحدث الضرر به وأن يكون هو السبب المباشر له وهو ما يعني انقطاع رابطة السببية إذا كان تدخل الشيء في حدوث الضرر سلبيا محضا حتى ولو كان خطأ المضرور ممكن التوقع أو ممكن تجنب آثاره. لما كان ذلك وكان الثابت من تحقيقات المحضر رقم 529 لسنة 1982 عوارض الأهرام أن مورث المطعون ضدهم قد عثر على قذيفة المدفع سبب الحادث واحتفظ بها واستخدمها بالطرق بها لإصلاح الآلة التي يعمل عليها ومن ثم تكون قد انتقلت إليه السيطرة الفعلية عليها دون أن تتسبب بذاتها وبالحالة التي تم بها عثوره عليها في إيقاع الضرر به وكان هذا السلوك من مورث المطعون ضدهم هو سبب الحادث بما تنتفي معه مسئولية الطاعن بصفته حارسا للأشياء وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه[الطعن رقم 92 - لسنة 63 ق - تاريخ الجلسة 15 / 6 / 1994 - مكتب فني 45 رقم الجزء 2 - رقم الصفحة 1013 ]
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الثاني من سبب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب, وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في مذكرتها المقدمة بجلسة 3/11/1996 أمام محكمة الاستئناف بأن وقوع الحادث إنما يرجع إلي خطأ المجني عليه وحده الذي يقطع رابطة السببية وتنتفي معه مسئوليتها عن تعويض ورثته عنه وهو ما قطعت به أسباب الحكم الجنائي ببراءة قائد السيارة, وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع الجوهري ويسقطه حقه من البحث والتمحيص فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد, ذلك أن النص في المادة 178 من القانون المدني على أن "كل من تولى حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية يكون مسئولاً عما تحدثه هذه الأشياء من ضرر, ما لم يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه .." مفاده- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن كانت المسئولية المقررة في هذا النص تقوم على خطأ مفترض وقوعه من حارس الشئ افتراضاً لا يقبل إثبات العكس, إلا أن هذه المسئولية تدرأ عن الحارس إذا أثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه, وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ الغير أو خطأ المضرور.
لما كان ذلك, وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنة كانت قد تمسكت في مذكرتها المقدمة إلى محكمة الاستئناف بجلسة 3/11/1996 بأن الحادث المطالب بالتعويض عنه وقع نتيجة خطأ المجني عليه وحده لانحرافه بدراجته إلي اليسار دون تبصر لحالة الطريق مما يترتب عليه انقطاع علاقة السببية بين الخطأ والضرر فترتفع به مسئولية الشركة الطاعنة عن تعويض الأضرار الناجمة عن الحادث, وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع ويقسطه حقه من البحث والتمحيص ويعمل أثره في الدعوى رغم أنه دفاع جوهري من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي فيها, فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه, ولما تقدم, وكان البين من سلف الدعوى الذي أرفق به صورة رسمية من أوراق الحكم الصادر في الجنحة رقم 5809 لسنة 1994 بندر الجيزة واستئنافها رقم 8671 لسنة 1995 الجيزة أنها قد خلت مما يفيد أن الحادث نجم عن خطأ المجني عليه ولم تطلب المستأنفة إحالة الدعوى إلي التحقيق لإثباته, وكانت هذه المحكمة تشاطر محكمة أول درجة في تقديرها للتعويض المادي والأدبي والموروث ونرى أنه جاء مناسباً لجبر الضرر, ومن ثم يتعين رفض استئناف الشركة رقم 3986 لسنة 113 ق القاهرة وتأييد الحكم الابتدائي للأسباب السائغة التي أقيم عليها[الطعن رقم 616 - لسنة 67 ق - تاريخ الجلسة 20 / 6 / 1998 - مكتب فني 49 رقم الجزء 2 - رقم الصفحة 548 ]
وفي هذا استقر الفقه على انه (جواز نفى المسئولية بنفى علاقة السببية ولما كان حارس الشيء لا يستطيع أن يدفع المسئولية عن نفسه بنفى الخطأ على النحو الذي بيناه، لم يبق أمامه لدفع المسئولية إلا أن ينفى علاقة السببية بين فعل الشئ والضرر الذي وقع. وهو لا يستطيع نفى علاقة السببية هذه إلا إذا أثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي قوة قاهرة أو . أو حادث مفاجئ أو خطأ المصاب أو خطأ الغير وهذا ما تنص عليه صراحة المادة ١٧٨ إذ تقول : .... ما لم يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه ثم ينتهى النص بهذه العبارة وهذا مع عدم الإخلال ما ورد في ذلك من أحكام خاصة ومن أهم هذه الأحكام الخاصة مسؤولية رب العمل عن حوادث العمل، فهي مسئولية لا تقوم على خطأ مفترض، بل تقوم على أساس تحمل التبعة. . ( الوسيط في شرح القانون المدني للدكتور عبد الرازق السنهوري الجزء الاول نظرية الالتزام ص 921 طبعة 2004 )

تعليقات