ومن المقرر أن النص فى الفقرة الأولى من المادة 382 من القانون المدنى مؤداه أنه كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه سواء كان المانع قانونياً أو ماديا أو أدبياً فأنه يترتب على هذا المانع وقف سريان التقادم ويبدأ احتساب التقادم من تاريخ زوال المانع.
ولما كان المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن مفاد النص في المادة 382 من القانون المدني يدل - وعلى ما ورد بالأعمال التحضيرية للقانون المدني – على أن المشرع نص بصفة عامة على وقف سريان التقادم إن كان ثمة مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه في الوقت المناسب، باعتبار أن وقف التقادم يستند لقاعدة أخلاقية مؤداها أن التقادم لا يسري في حق "من لا يستطيع أن يداعي" وهي قاعدة نالت مكاناً بارزاً في القانون المدني يشفع لها رغبة المشرع في ألا يجافي أحكام الشريعة الغراء التي لا تقر ضياع الحقوق وإن طال عليه الزمن لذلك لم ير إيراد الموانع على سبيل الحصر بل عمم الحكم ليتمشى مع كل ما يقتضيه العقل – على ما أفصحت عنه الأعمال التحضيرية للقانون – تاركاً للقضاء مهمة تقدير ما إذا كان المانع عذراً موقفاً للتقادم أم لا بمعيار مرن لا يصل فيه المانع الموقف لدرجة الاستحالة كمرتبة القوة القاهرة بل يكفي لوقفه أن يتعذر عليه ذلك بالنظر لحالة الدائن وعلاقته بالمدين وكافة الظروف الملابسة شريطة ألا يكون السكوت بتقصيره وهو أمر يقتضي فحص كل حالة على حدة إذ كان الواقع في الدعوى أن المطعون ضدهم الثلاثة الأوائل قد تمسكوا أمام محكمة الاستئناف لسبق إقامتهم الدعوى .... لسنة 1997 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعنة والمطعون ضدها الخامسة – شركتي التأمين – بطلب التعويض عن ذات الضرر محل الدعوى المطروحة إعمالاً لحقهم في الرجوع عليهما بالدعوى المباشرة وقضى لصالحهم ابتدائياً ثم ألغى هذا القضاء من محكمة الاستئناف التي قضت بعدم قبول الدعوى لعدم اختصام مالك السيارة فلم يكن أمامهم وقد باغتهم الحكم سوى المبادرة بإقامة هذه الدعوى مختصمين فيها المالكة – وهو أمر لا يمكن معه إسناد أي تقصير لهم في المطالبة بحقوقهم. لما كان ذلك، وكان مؤدى ما تمسك به المطعون ضدهم سالفو الذكر أن إقامة الدعوى السابقة لا يصح سبباً لانقطاع التقادم – وقد قضى نهائياً بعدم قبولها بما يزيل أثرها في هذا الشأن – إلا أنه لما كان ذلك يعد عذراً مانعاً يوقف سريان التقادم لتعذر إقامة هذه الدعوى إبان تداول الدعوى السابقة المتحدة معها سبباً وموضوعاً وخصوماً – عدا مالكة السيارة – التي لم يتطلب القانون اختصامها ومن ثم لم يدر بخلدهم اختصامها وقد حكم لهم ابتدائياً ثم باغتهم الحكم الاستئنافي بعدم قبول الدعوى بما لا يمكن معه إسناد ثمة تقصير في المطالبة بحقوقهم ومن ثم توافر لديهم العذر المانع من سريان التقادم منذ إقامة الدعوى السابقة بتاريخ 3/6/1997 وحتى الحكم فيها نهائياً في 17/4/2000 وإذ بادروا بإقامة دعواهم المطروحة بتاريخ 23/10/2000 وبإضافة المدة السابقة على رفع الدعوى الأولى منذ حفظ الأوراق بتاريخ 18/9/1996 فلا يكون التقادم الثلاثي قد اكتملت مدته وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة مستنداً لانقطاع التقادم بالدعوى السابقة المقضي بعدم قبولها وهي أسباب قانونية خاطئة فإن لمحكمة النقض تصحيحها دون أن تنقض الحكم[الطعن رقم 6049 - لسنة 72 ق - تاريخ الجلسة 10 / 1 / 2005 - مكتب فني 56 رقم الصفحة 100 ]
تعليقات